"من المعروف أن الحكام في بلادنا العربية و الإسلامية وصلوا إلى الحكم بطرق عديدة منها عن طريق الوراثة أو الإنقلابات أو الإنتخابات المزورة او أي طريقة أخرى. ومن المعلوم أن وصولهم إلى الحكم كانت بطرق غير مشروعة لأن الشعب لم يقم بإنتخابهم بل فرضوا أنفسهم على الشعوب و وضعوا إرادة الشعوب تحت أقدامهم و حكموا في بلادهم بيد من حديد و نشروا الظلم و الفساد و القمع و كتم الافواه و فتح السجون و فعلوا كل الموبقات بحق الشعوب و الاوطان.
وبعد الثورات العربية رأينا عدة حكومات منتخبة في المنطقة و من أهمها مصر التي شهدت و لأول مرة في تاريخها رئيسا مدنيا جاء إلى الحكم عن طريق إنتخابات نزيهة و حرة و تم إنتخابه بأغلبية أصوات الشعب.
ولكن الأنظمة المستبدة في المنطقة حاولت و بأقصى جهدها إفشال الرئيس المصري المنتخب لكي تثبت لشعوبها أنه لا فائدة من الثورات و أنها تؤدي الى الفوضى و قتل الناس و إضاعة الوقت .
وكانت تظن أنها بإفشال هذه الأنظمة الشرعية تستطيع إبعاد الثورات عن بلدانها ولذلك دعمت بعض حكومات الخليج كالإمارات و السعودية حركات التمرد على الرئيس الشرعي المنتخب في مصر لإسقاطه و سخروا قنواتهم الإعلامية و أموالهم في سبيل دعم الشخصيات المعارضة للرئيس الشرعي لإسقاطه.
و فعلا نجحت في ذلك بسبب الحملة الشرسة التي قامت بها هذه الدول الخليجية مع دول أخرى في المنطقة التي تخاف من الثورات لكي لا تفقد الحكم التي إعتاد عليها الحاكم منذ ولادته.
ولكن هل هذه الطريقة ناجحة لإبعاد الثورات و البقاء بعيدا عن التغييرات الجارية في المنطقة؟!
كان الأفضل على هذه الأنظمة أن تفكر في القيام بإصلاحات جذرية في البلاد و إزالة الفساد و نشر العدل و الحرية و حقوق الانسان لكي لا يفكر الشعب بالقيام بالثورة لإسقاط النظام بدل أن يقوم بتسخير كامل قواه لإسقاط الحكومات المنتخبة من الشعب.
الإمارات كان الأفضل أن تقوم بإنفاق أموالها في سبيل إعادة جزرها المحتلة (أبو موسى، طنب الصغرى ، طنب الكبرى) من قبل إيران! وكان الأفضل أن تحرر جميع سجناء الرأي في بلادها بدل أن تساند العسكر في مصر على الاطاحة بحكم الرئيس مرسي.
والسعودية أيضا كان الأفضل عليها أن توزع أموال النفط إلى شعوبها بشكل عادل لكي تقل نسبة الفقر لديهم، و كان الأفضل أيضا أن تقوم بزيادة الخدمات و الإصلاحات و القيام بحملة لإنهاء حالة الفقر و إصلاحات سياسية تعطي كل فرد حقه في التعبير عن ارائه و تحسين المعاملة مع المعارضين للنظام.
لو إختار الأنظمة الإستبدادية في المنطقة إصلاح نفسها و إعادة النظر في علاقتها مع الناس لأستطاعت أن تكسب رضى الشعب و تأييده أيضا.
ولكنها إختارت الطريق الخطأ وهذا بات واضحا بنشوء حركات التمرد في بلدان اخرى كالبحرين و الامارات و هذا يشكل أكبر تهديد على الدول التي دعمت الانقلاب في مصر . ومن الواضح أن السحر بات ينقلب على الساحر و أن إسقاط الرئيس مرسي كان بداية لسقوط دول الخليج التي دعمت الانقلاب و دول أخرى في المنطقة كالأردن كما صرح بذلك الوثائق الاسرائيلية المنشورة حديثا.
واليوم وبعد الثورات نسمع و نرى اعتقالات و سجون و تضييق أكثر على حرية الرأي ، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على عدم نية الحكام المستبدين للإصلاح و عن إستمرارهم في قمعهم لشعوبهم و بوتيرة أكبر في سبيل البقاء في الحكم و إنهاء الاصوات المعارضة للحكم الاستبدادي.
وهذا الفعل بلا شك يؤدي الى إجهاض جميع محاولات الاصلاح و يجعل الحل السلمي مستحيلا مع الطواغيت إلا بثورات شعبية يتم فيها الإعلان عن نية الشعوب لتغيير نظامها بشكل جذري لكي تذهب معها جميع انواع الفساد و الطغيان و تحل محلها العدل و الحريات و الحقوق ، وتصرفات الحاكم الصبيانية هي التي تستفز الناس و تجعلهم يقررون مواجهة الحاكم و إسقاطه بكل وسيلة."
والخيارات أمام الأنظمة القمعية كثيرة لكي تستطيع البقاء و الاستمرار منها الإصلاح في مؤسسات الدولة و محاولة الإقتراب من الشعوب و الإحساس بمشاكلهم و حلها و العديد من الحلول التي تحول دون سقوطهم ولكنهم إذا استمروا في طغيانهم فإنهم ينتحرون و يقررون إنهاء حكمهم بأيديهم."